دليل الطالب للشركات الناشئة

بول غراهام، أكتوبر 2006
المقال الأصلي بالإنجليزية: A Student’s Guide to Startups

ترجمة جلال شفرور، أوت 2020

(هذا المقال مستمد من محاضرة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT.)

إلى فترة قريبة كان أمام الطلبة المتخرجين خياران فقط: الحصول على وظيفة أو الذهاب إلى الدراسات العليا. أعتقد أنه سيكون هناك خيار ثالث بشكل متزايد: بدء شركة ناشئة خاصة بك. لكن ما مدى شيوع هذه الفكرة؟

أنا متأكد من أن الخيار الافتراضي سيكون دائمًا الحصول على وظيفة، لكن بدء شركة ناشئة قد يصبح شائعًا مثله مثل الذهاب إلى الدراسات العليا. في أواخر التسعينيات، كان أصدقائي الأساتذة يتشكون من انعدام الطلب على الدراسات العليا، لأن جميع الطلاب الجامعيين كانوا يتوجهون للعمل في الشركات الناشئة. لن أتفاجأ إذا عاد هذا الوضع مجددًا، لكن بفارق واحد: هذه المرة سيبدأ الطلاب شركاتهم الخاصة بدلاً من العمل عند الآخرين.

سوف يسأل الطلاب الأكثر طموحًا في هذه المرحلة: لماذا تنتظر حتى تتخرج؟ لماذا لا تبدأ شركة ناشئة بينما لا تزال في الكلية؟ في الواقع، لماذا تذهب إلى الكلية أصلاً؟ لماذا لا تبدأ شركة ناشئة بدلاً من ذلك؟

قبل عام ونصف، ألقيت محاضرة قلتُ فيها أن متوسط عمر مؤسسي ياهو وجوجل و ميكروسوفت هو 24 عامًا، وأنه إذا كان بإمكان طلاب الدراسات العليا بدء شركاتهم الناشئة، فلماذا لا يقوم بذلك الطلبة الذين لم يتخرجوا بعد؟ أنا سعيد لأنني صغتُ ذلك على شكل سؤال، لأنه الآن يمكنني أن أدعي أنه ليس مجرد خطاب. في ذلك الوقت لم أستطع أن أتخيل سبب وجود حد أدنى لعمر مؤسسي شركة ناشئة. التخرج من الجامعة هو تغيير بيروقراطي، وليس تغييرًا بيولوجيًا. وبالتأكيد هناك طلاب جامعيون مؤهلون تقنيًا مثل معظم طلاب الدراسات العليا. فلماذا لا ينبغي أن يكون الطلاب الجامعيون قادرين على بدء الشركات الناشئة مثلهم مثل طلاب الدراسات العليا؟

أدرك الآن أن شيئًا ما يتغير عند التخرج: وهو فقدان عذر كبير لتبرير الفشل. بغض النظر عن مدى تعقيد حياتك، ستجد أن أي شخص آخر، بما في ذلك عائلتك وأصدقاؤك، سيتجاهل كل تفاصيل أعمالك ويعتبرك تقوم بمهنة واحدة فقط في أي وقت. إذا كنت في الكلية ولديك وظيفة صيفية لكتابة برامج الحاسوب، فلا تزال تُعتبر طالباً. بينما إذا تخرجت وحصلت على وظيفة، فسوف يعتبرك الجميع على الفور مُبرمجًا.

مشكلة بدء شركة ناشئة بينما لا تزال في الكلية هي وجود فتحة هروب جاهزة. إذا بدأت شركة ناشئة في فصل الصيف الذي يسبق سنة التخرج، فسيعتبرها الجميع على أنها وظيفة صيفية. لذلك إذا لم تنجح فلن يُعد ذلك حدثًا كبيرًا. ستعود إلى الكلية في الخريف مع جميع الطلبة الآخرين؛ لا أحد يعتبرك فاشلاً، لأن مهنتك هي طالب، ولم تفشل فيها. بينما إذا بدأت شركة ناشئة بعد عام واحد فقط، أي بعد التخرج، فطالما أنك غير مقبول في الدراسات العليا في الخريف التالي، فإن الجميع سيعتبر الشركة الناشئة هي مهنتك. أنت الآن أحد مؤسسي الشركات الناشئة، لذلك عليك أن تقوم بعمل جيد في هذا الصدد.

بالنسبة إلى الجميع تقريبًا، يُعتبر رأي الأقران هو الدافع الأقوى من بين كل الحوافز - أقوى حتى من دافع الثراء الذي هو الهدف الأسمى لمعظم مؤسسي الشركات الناشئة. [1] بعد مرور شهر تقريبًا على كل دورة تمويل، لدينا حدث يسمى "يوم النموذج"، حيث تقدم كل شركة ناشئة للآخرين ما أنجزت حتى الآن. قد تظن أن المؤسسين لن يحتاجوا إلى المزيد من الدوافع. إنهم يعملون على فكرتهم الجديدة الرائعة؛ لديهم تمويل للمستقبل القريب؛ وهم يلعبون لعبة ذات مخرجين فقط: الثروة أو الفشل. تعتقد أن هذا دافع كافٍ. ومع ذلك، فإن اقتراب العرض التجريبي يعطي معظم المؤسسين دفعة كبيرة من النشاط.

حتى إذا كان هدفك الصريح من بدء شركة ناشئة هو الثراء، فإن الأموال التي قد تحصل عليها لاحقًا تبدو نظرية في معظم الأوقات. ما يحفزك للعمل يوم بعد يوم هو الرغبة في أن لا تبدو سيئًا أمام أقرانك.

ربما لا يمكنك تغيير ذلك. حتى لو كنت تستطيع، لا أعتقد أنك تريد ذلك؛ الشخص الذي لا يهتم حقا لرأي أقرانه هو على الأرجح مريض نفسيا. لذا فإن أفضل ما يمكنك فعله هو اعتبار هذا الدافع كقوة مثل الريح، وإنشاء قاربك الخاص وفقًا لها. إذا كنت تعرف أن زملائك سيدفعونك في اتجاه ما، فاختر أقرانًا جيدين وهيئ نفسك بحيث يدفعونك في الاتجاه الذي تريده.

التخرج يُغير الرياح السائدة، وهي التي تحدث فرقا. إن بدء شركة ناشئة أمر صعب للغاية لدرجة أنه مغامرة مُعتبرة حتى بالنسبة لؤلئك الذين ينجحون. مهما علا شأن شركة ناشئة الآن، فمن المحتمل أن يكون لديها أوراق قليلة عالقة في عجلات الهبوط من تلك الأشجار التي  تفادتها بالكاد عند نهاية المُدرج. في مثل هذه اللعبة المغامرة، يمكن أن تكون أصغر زيادة في القوى المضادة لك كافية لإيقاعك في حافة الفشل.

عندما استهلينا Y Combinator، شجعنا الناس على بدء شركاتهم الناشئة بينما كانوا لا يزالون في الجامعة. هذا جزئيًا لأن برنامج Y Combinator انطلق كنوع من البرامج الصيفية. لقد حافظنا على شكل البرنامج - تناولُنا للعشاء معًا مرة واحدة في الأسبوع  هو فكرة جيدة - لكننا قررنا الآن أنّ سياستنا يجب أن تقوم على إخبار الناس بالانتظار حتى يتخرجوا.

هل هذا يعني أنك لا تستطيع بدء شركة ناشئة في الكلية؟ لا على الإطلاق. سام التمان، المؤسس المشارك لـ Loopt، أنهى لتوه سنته الثانية في الكلية عندما قمنا بتمويله، وربما يكون Loopt هو الأكثر وعدًا من بين جميع الشركات الناشئة التي قمنا بتمويلها حتى الآن. لكن سام التمان هو رجل غير عادي للغاية. خلال حوالي ثلاث دقائق من مقابلته، أتذكر أنني كنت أفكر "آه، لا بد أن هذا ما كان عليه بيل غيتس عندما كان في التاسعة عشرة من عمره".

إذا كان بدء شركة ناشئة أثناء الكلية يمكن أن ينجح، فلماذا نقول للناس لا؟ للسبب نفسه الذي يجعل عازف كمان مُزيف يقول دائمًا، كلما طُلب منه الحكم على مهارة شخص ما، أنّه ليس لديه موهبة كافية تجعله مُحترفا. إن النجاح كموسيقي يتطلب العزم وكذلك الموهبة، لذلك فإن هذه الإجابة تنفع كنصيحة للجميع. أولئك الذين ليسوا متأكدين من أمرهم يُصدّقونها ويستسلمون، والذين يصرّون بما فيه الكفاية يقولون "تباً لهذا، سأنجح على أي حال".

لذلك فإن سياستنا الرسمية الآن بالنسبة للطلاب الجامعيين هي تمويل فقط أولئك الذين لا يمكننا إقناعهم بالعكس. بصراحة، إذا لم تكن متأكدًا، يجب عليك انتظار التخرج. الفرص المتاحة لبدء شركات لن تزول إذا انتظرت. ربما تُغلق النافذة على بعض الأفكار التي تعمل عليها، لكن هذه لن تكون آخر فكرة لديك. مقابل كل فكرة تنقضي مهلتها، هناك فكرة جديدة أخرى تصبح ممكنة. تاريخياً، فرص بدء الشركات الناشئة ازدادت مع مرور الوقت.

في هذه الحالة، قد تسأل، لماذا لا تنتظر لفترة أطول؟ لماذا لا تذهب للعمل لفترة من الوقت، أو تذهب إلى الدراسات العُليا، ثم تبدأ شركة ناشئة؟ وبالفعل، قد تكون هذه فكرة جيدة. إذا كان لا بد لي من اختيار العمر المناسب لمؤسسي الشركات الناشئة، بناءً على من نحن متحمسون للغاية لمشاهدة طلباتهم، فأنا أقول إنه منتصف العشرينات. لماذا؟ ما هي المزايا التي يتمتع بها شخص ما في منتصف العشرينات من العمر على شخص عمره 21 عامًا؟ ولماذا لا يكون كبار السن؟ ما الذي يمكن أن يفعله الشباب في عمر 25؟ هذه هي الأسئلة التي تستحق الدراسة.

الإيجابيات

إذا بدأت شركة ناشئة بعد فترة وجيزة من الدراسة الجامعية، فستكون مؤسسًا شابًا وفق المعايير الحالية، لذلك يجب أن تعرف المزايا النسبية للمؤسسين الشباب. إنهم ليسوا ما قد تفكر فيه. باعتبارك مؤسسًا شابًا، فإن نقاط قوتك هي: القدرة على التحمل، الفقر، انعدام الجذور، الزملاء والجهل.

أهمية القدرة على التحمل لا ينبغي أن تكون مفاجئة. إذا سمعت أي شيء عن الشركات الناشئة، فربما تكون قد سمعت عن ساعات العمل الطويلة.أستطيع أن أقول أنّ هذه قاعدة عالمية. لكن لا أستطيع التفكير في أي شركات ناشئة ناجحة عمل مؤسسوها من الساعة 9 صبحا إلى 5 مساءا فقط. من الضروري بشكل خاص أن يعمل المؤسسون الشباب لساعات طويلة لأنهم ربما ليس لديهم بعد الفاعلية التي سيكتسبونها لاحقًا.

ميزتك الثانية، الفقر، قد لا تبدو ميزة، لكنها ميزة كبيرة. الفقر هنا يعني أنّه يمكنك العيش بنفقة قليلة، وهذا أمر بالغ الأهمية للشركات الناشئة. تقريبا كل شركة ناشئة فاشلة، يكون سبب فشلها نفاد الأموال. من المضلل بعض الشيء صياغة السبب على هذا النحو، لأن هناك عادةً بعض الأسباب الأساسية الأخرى. ولكن بغض النظر عن مصدر مشاكلك، فإن معدل الحرق المنخفض لأموالك يمنحك المزيد من الفرص للتعافي من هذه الأسباب. ونظرًا لأن معظم الشركات الناشئة ترتكب كل أنواع الأخطاء في البداية، فإن هامش التعافي من الأخطاء يعد أمرًا ذا قيمة.

معظم الشركات الناشئة ينتهي بها الأمر إلى فعل شيء مختلف عما خططت له. الطريقة التي يجد بها الناجحون شيئًا ما يعمل هي تجربة الأشياء التي لا تنجح. لذا فإن أسوأ شيء يمكنك القيام به عند إطلاق شركة ناشئة هو أن يكون لديك خطة صارمة ومحددة مسبقًا ثم البدء في إنفاق الكثير من المال لتنفيذها. من الأفضل أن تعمل بإنفاق ضعيف وتعطي أفكارك وقتًا لتتطور.

يمكن أن يعيش الخريجون الجدد على أدنى نفقة تقريبًا، وهذا يمنحك ميزة على المؤسسين الأكبر سناً، لأن التكلفة الرئيسية في شركة ناشئة للبرمجيات هي الأشخاص. في الواقع من لديهم أطفال ورهون عقارية هم في وضع غير مؤات. هذا هو أحد الأسباب التي أراهن بها على عمر 25 عامًا أكثر من 32. من المحتمل أن يكون الشاب البالغ 32 مبرمجًا أفضل، ولكن ربما يكون لديه أيضًا حياة أكثر تكلفة. بينما من يبلغ 25 عامًا لديه بعض الخبرة في العمل (المزيد عن ذلك لاحقًا) ولكن يمكن أن يعيش بنفقة قليلة كطالب جامعي.

كان عمر روبرت موريس وعمري أنا 29 و 30 عامًا على التوالي عندما بدأنا فاياوب Viaweb، لكن لحسن الحظ كنا ما زلنا نعيش مثل أصحاب 23 عامًا. كان لدينا على حد سواء صفر أصول تقريبا. كنت أرغب في الحصول على قرض عقاري، لأن ذلك كان يعني أن لدي منزلاً. ولكن عند تذكر الأحداث الماضية، عدم ملكية شيء كان شيئا مناسبا. لم أكن مقيدًا وكنت معتادًا على العيش بنفقة قليلة.

لكن الأهم من العيش بنفقة قليلة هو التفكير بثمن قليل. أحد الأسباب التي جعلت Apple II مشهورًا هو أنه رخيص. كان الكمبيوتر نفسه رخيصًا، واستخدم أجهزة طرفية رخيصة الثمن مثل مسجل شريط كاسيت لتخزين البيانات وجهاز تلفزيون كشاشة. وأنت تعرف لماذا؟ لأن Woz صمم هذا الكمبيوتر لنفسه، ولم يستطع تحمل أي شيء أكثر من ذلك.

استفدنا من نفس الظاهرة. كانت أسعارنا منخفضة بشكل جريء في وقتها. وكان أعلى مستوى من الخدمة [التي نقدمها في "فاياوب"] 300 دولار في الشهر، وهو  أقل من المعتاد. في الماضي، كانت هذه خطوة ذكية، لكننا لم نفعل ذلك لأننا كنا أذكياء. 300 دولار في الشهر بدت وكأنها أموال كثيرة لنا. مثل آبل، ابتكرنا شيئًا غير مكلف، وبالتالي شعبي، لأننا ببساطة فقراء.

العديد من الشركات الناشئة أخذت هذا الشكل: يأتي شخص ما ويقوم بعمل شيء بعُشر أو جزء من مائة من التكلفة التي كان عليها، ولا يمكن للاعبين الحاليين متابعته لأنهم لا يريدون حتى التفكير في عالم تكون فيه هذه التكلفة ممكنة. على سبيل المثال، لا ترغب شركات الاتصالات البعيدة التقليدية في التفكير في نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت VoIP. (لكن هذه التقنية ظهرت رغم ذلك). إن كونك فقيرًا يساعد في هذه اللعبة، لأن نقاط التحيز الشخصي الخاصة بك تشير إلى نفس الاتجاه الذي تتطور فيه التكنولوجيا.

مزايا انعدام الجذور تشبه مزايا الفقر. عندما تكون شابًا، فأنت أكثر تنقلاً - ليس فقط لأنك لا تملك منزلًا أو أشياء كثيرة، ولكن أيضًا لأنك أقل عرضة لعلاقات حميمية جدية. يبدو أن هذا أمرٌ مهم، لأن الكثير من الشركات الناشئة تتضمن حركة الأشخاص من مكان إلى آخر.

مؤسسو كيكو Kiko، على سبيل المثال، في طريقهم الآن إلى منطقة خليج سان فرنسيسكو لبدء شركتهم الناشئة التالية. إنه مكان أفضل لما يريدون القيام به. وكان من السهل بالنسبة لهم أن يقرروا هذه الحركة، لأنه ليس لأحد منهم حسب ما أعرف علاقة حميمية جادة، وكل ما يملكونه يمكن حمله في سيارة واحدة - أو بتعبير أدق: إما يتلاءم مع سيارة واحدة أو أنه تافه بما فيه الكفاية بحيث لا مانع من تركه وراءهم.

كانوا على الأقل في بوسطن. ماذا لو كانوا في نبراسكا، مثلما كان إيفان ويليامز في سنهم؟ كتب أحدهم مؤخرًا أن عيب Y Combinator هو أنه كان عليك الانتقال للمشاركة فيها. لا يمكن المشاركة بأي طريقة أخرى. نوع المحادثات التي نجريها مع المؤسسين، يجب أن نجريها شخصيًا. نحن نمول عشرات الشركات الناشئة في وقت واحد، ولا يمكننا أن نكون في عشرات الأماكن في وقت واحد. ولكن حتى لو استطعنا بطريقة ما إنقاذ الناس بطريقة سحرية من الحركة، فلن نفعل ذلك. لن نكون قدمنا خدمة لصالح المؤسسين إذا سمحنا لهم بالبقاء في نبراسكا. الأماكن التي ليست مراكز للشركات الناشئة تكون سامة بالنسبة لهذه الأخيرة. يمكنك أن تقول ذلك من الأدلة غير المباشرة. يمكنك معرفة مدى صعوبة بدء شركة ناشئة في هيوستن أو شيكاغو أو ميامي من العدد الصغير المجهري للذين ينجحون هناك مقارنة مع عدد السكان. لا أعرف بالضبط ما الذي يكبح جميع الشركات الناشئة في هذه البلدات - ربما مائة شيء صغير خفي - لكن يجب أن يكون هناك شيء ما. [2]

ربما هذا سوف يتغير. ربما يعني ارتفاع تكلفة الشركات الناشئة أنها ستتمكن من البقاء في أي مكان، بدلاً من أكثر البيئات المضيافة فقط. ربما 37signals [وهي شركة ويب في شيكاغو] هي نمط للمستقبل. لكن ربما لا. تاريخياً، كانت هناك دائمًا بعض المدن التي كانت مراكز لبعض الصناعات، وإذا لم تكن حاضرا في واحدة منها، فأنت في وضع غير مؤات. لذا أعتقد أن 37signals هي حالة شاذة. نحن ننظر إلى نمط أقدم بكثير من "الويب 2.0" هنا.

ربما يكون السبب وراء ظهور عدد أكبر من الشركات الناشئة في منطقة خليج سان فرنسيسكو مقارنة مع ميامي هو ببساطة وجود عدد أكبر من الأشخاص المؤسسين هناك. الشركات الناشئة الناجحة لا تبدأ إطلاقاً من قبل شخص واحد. عادة ما يبدؤون بمحادثة يذكر فيها شخص ما أن شيئًا ما سيكون فكرة جيدة لشركة ما، ويقول صديقه: "نعم، هذه فكرة جيدة، دعونا نجربها". إذا كنت تفتقد هذا الشخص الثاني الذي يقول "دعنا نجرب ذلك"، فلن تُطلق شركة ناشئة أبدًا. وهذا مجال آخر حيث يكون للطلاب الجامعيين ميزة. إنهم محاطون بأشخاص على استعداد لقول ذلك. في كلية جيدة، أنت تتركز مع الكثير من الأشخاص الطموحين وذوي العقلية التقنية - ربما أكثر تركيزًا من أي وقت مضى. إذا كانت نواتك تطلق نيوترونا، فهناك فرصة جيدة لأن تصل إلى نواة أخرى.

السؤال الأول الذي يطرحه الناس على Y Combinator هو: أين يمكنني العثور على مؤسس مشارك؟ هذه هي أكبر مشكلة بالنسبة لشخص ما عند شركة ناشئة في سن الثلاثين. عندما كانوا في المدرسة كانوا يعرفون الكثير من المؤسسين الجيدين، لكن بحلول 30 فقدوا الاتصال بهم أو أن هؤلاء الأشخاص مقيدون بوظائف لا يريدون أن يغادروها.

كان Viaweb حالة شاذة في هذا الصدد أيضا. على الرغم من أننا كنا كبيرين في السن نسبيًا، إلا أننا لم نكن مرتبطين بوظائف مثيرة للإعجاب. كنت أحاول أن أكون فنانًا، وهو أمر ليس مقيدًا جدًا، وروبرت، رغم أن عمره 29 عامًا، كان لا يزال في الكلية بسبب انقطاع بسيط في مسيرته الأكاديمية في عام 1988. لذلك يمكن القول إن "الدودة" جعلت Viaweb ممكنة. وإلا فإن روبرت كان سيكون أستاذاً صغيراً في تلك السن، وليس لديه وقت للعمل في مشاريع مضاربة مجنونة معي.

لدينا نوع من الإجابة على معظم الأسئلة التي يطرحها الناس على Y Combinator، ولكن ليس السؤال عن كيفية إيجاد المؤسس الشريك. لا توجد إجابة جيدة. يجب أن يكون المؤسسون المشاركون أشخاصًا تعرفهم بالفعل. وأفضل مكان لمقابلتهم هو الجامعة. لديك عينة كبيرة من الأشخاص الأذكياء؛ تحصل على مقارنة لأدائهم في مهام مماثلة؛ ولدى جميعهم حياة مرنة. الكثير من الشركات الناشئة تنمو انطلاقا من الجامعة لهذا السبب. تم تأسيس جوجل وياهو و ميكروسوفت، من بين شركات أخرى، من قبل أشخاص التقوا في الجامعة. (في حالة ميكروسوفت، كانت المدرسة الثانوية.)

يشعر العديد من الطلاب أنه يتعين عليهم الانتظار والحصول على المزيد من الخبرة قبل بدء شركة. وإذا اعتبرنا كل الأشياء الأخرى متساوية، فيجب عليهم ذلك. لكن كل الأشياء الأخرى ليست متساوية تمامًا كما تبدو. معظم الطلاب لا يدركون كم هم أغنياء في العنصر الأكثر ندرة في الشركات الناشئة، وهو المؤسسين. إذا انتظرت طويلاً، فقد تجد أن أصدقائك يشاركون الآن في بعض المشاريع التي لا يريدون التخلي عنها. كلما أصبح مستواهم أفضل، زاد احتمال حدوث ذلك.

قد تكون إحدى طرق تخفيف هذه المشكلة هي التخطيط الفعال لشركة ناشئة أثناء حصولك على سنوات الخبرة. بالتأكيد، انطلق واحصل على وظائف أو اذهب إلى كلية أو أي شيء آخر، لكن اجتمع مع شريكك بانتظام للتخطيط، وبالتالي فإن فكرة بدء شركة ناشئة تبقى حية في مخ الجميع. لا أعرف ما إذا كان هذا الأمر ناجحًا، لكن لا يمكن أن يكون مؤلمًا.

سيكون من المفيد  إدراك الميزة التي تتمتع بها كطالب. من المحتمل أن يكون بعض زملائك في الدراسة مؤسسين ناجحين لشركة ناشئة؛ في جامعة تقنية كبيرة، وهذا هو أقرب شيء لليقين. إذن أي من هؤلاء الزملاء تختار؟ لو كنت مكانك لبحثت عن الأشخاص الذين ليسوا أذكياء فحسب، ولكن  بناؤون بشكل مرضي غير قابل للشفاء. ابحث عن الأشخاص الذين يواصلون بدء المشاريع، وينهون البعض منها على الأقل. هذا ما نبحث عنه. قبل كل شيء، وفوق أوراق الاعتماد الأكاديمية وحتى الفكرة التي تتقدم بها، نحن نبحث عن الأشخاص الذين يبنون الأشياء.

المكان الآخر الذي يلتقي فيه المؤسسون المتشاركون هو مكان العمل.وهذا أقل مما عليه الحال في الجامعة، لكن هناك أشياء يمكنك القيام بها لتحسين الاحتمالات. الأهم، بشكل واضح، هو العمل في مكان به الكثير من الشباب الأذكياء. الأمر الآخر هو العمل عند شركة تقع في مركز شركات ناشئة. سيكون من الأسهل إقناع أحد زملائك بترك العمل وبدء شركة معك في مكان تظهر فيه الشركات الناشئة من حولك باستمرار.

قد ترغب أيضًا في النظر في اتفاقية التوظيف التي توقعها عند تعيينك. ستقول معظمها أن أي أفكار تفكر فيها أثناء عملك عند الشركة هي ملك لها. في الممارسة العملية، من الصعب على أي شخص أن يثبت أين ومتى أتيت بأفكارك [هل حدث ذلك وأنت موظف بالشركة أو بعدما غادرتها لتبدأ شركتك الخاصة]، لذلك يتم رسم الحدود في الكود. إذا كنت ستبدأ شركة ناشئة، فلا تكتب أيًا من برامجها وأنت موظف عند شركة أخرى. أو على الأقل تجاهل أي كود كتبته أثناء توظيفك وابدأ من جديد. الخطر الأكبر لا يكمن في احتمال أن يكتشف صاحب العمل ذلك ويقاضيك. لن يصل الأمر إلى هذا؛ سيُمسكك أولاً المستثمرون أو المستحوذون أو (إذا كنت محظوظًا جدًا) أي طرف ثالث يقوم بتقييم ثمن شركتك الناشئة قبل بيعها. بين اللحظة الأولى t = 0 واللحظة التي تشتري فيها ذاك اليخت، سيسألك شخص ما إذا كان أي من الكود الخاص بك مملوكا قانونيا لأي شخص آخر، ويجب أن تكون قادرًا على قول لا. [3]

اتفاقية التوظيف [عقد العمل] الأكثر شمولاً التي رأيتها حتى الآن هي اتفاقية شركة آمازون. بالإضافة إلى البنود المعتادة حول امتلاك أفكارك، لا يمكنك أيضًا أن تكون مؤسس شركة ناشئة لها مؤسس آخر عمل في آمازون - حتى لو لم تكن تعرفه أو حتى لو لم يتزامن عمله هناك مع عملك. أظن أنهم سيواجهون صعوبة في فرض ذلك [عبر المحامين والمحاكم]، لكن مجرد كونهم يحاولون ذلك هو إشارة سيئة. هناك الكثير من الأماكن الأخرى للعمل؛ يمكنك أيضًا اختيار مكان يحفظ لك المزيد من خياراتك مفتوحة.

بمناسبة الحديث عن أماكن رائعة للعمل، هناك بالطبع جوجل. لكنني لاحظت شيئًا مخيفًا إلى حد ما بشأنها: عدم ظهور شركات ناشئة من هناك. في هذا الصدد، إنه ثقب أسود. يبدو أن الناس يحبون العمل في جوجب أكثر من اللازم للمغادرة. لذا، إذا كنت تأمل في بدء شركة ناشئة في يوم ما، فإن الأدلة حتى الآن تشير إلى أنه يجب عليك ألا تعمل هناك.

أدرك أن هذا يبدو نصيحة غريبة. إذا جعلوا حياتك جيدة لدرجة أنك لا تريد المغادرة، فلماذا لا تعمل هناك؟ لأنه، في الواقع، ربما تحصل على الحد الأقصى المحلي local maximum. تحتاج إلى طاقة تنشيط معينة لبدء شركة ناشئة. لذا فإن صاحب العمل الذي يسعدك العمل عنده إلى حد ما يمكن أن يغريك للبقاء إلى أجل غير مسمى، حتى لو كان تركه هو ربح صاف بالنسبة لك. [4]

إذا كنت ترغب في بدء شركة ناشئة، فأفضل مكان للعمل ربما يكون شركة ناشئة موجودة. بالإضافة إلى كونها النوع الصحيح من الخبرة، بطريقة أو بأخرى، ستنتهي هذه الخبرة بسرعة. إما أن ينتهي بك الأمر إلى الثراء، وفي هذه الحالة يتم حل المشكلة، أو سيتم شراء هذه الشركة، وفي هذه الحالة سيصبح عملك فيها مضجرا وسيكون من السهل المغادرة، أو على الأرجح، سينفجر الشيء وسوف تكون حرا مرة أخرى.

ميزتك النهائية، الجهل، قد لا تكون مفيدة للغاية. لقد استخدمتُ عمدا كلمة مثيرة للجدل لذلك؛ يمكنك تسميها البراءة إذا شئت. ولكن يبدو أنها ميزة قوية. توشك جيسيكا ليفينجستون، شريكتي المؤسسة في Y Combinator، على نشر كتاب من المقابلات مع مؤسسي الشركات الناشئة التي ندعمها، وقد لاحظت وجود نمط رائع فيها. قال واحد تلو الآخر من هؤلاء المؤسسين أنه لو عرف مدى صعوبة ذلك، فسيخاف أن يبدأ.

يمكن أن يكون الجهل مفيدًا عندما يكون ثقلًا مقابل أشكال الغباء الأخرى. إنه مفيد في شركة ناشئة لأنك قادر على أكثر مما تدرك. بدء شركة ناشئة أمر أصعب مما تتوقع، لكنك أيضًا قادر على أكثر مما تتوقع، وهذا يُحدث توازنا.

ينظر معظم الناس إلى شركة مثل آبل ويفكرون، كيف يمكنني صنع مثل هذا الشيء؟ آبل هي مؤسسة، وأنا مجرد شخص. لكن كل مؤسسة كانت في مرحلة ما مجرد حفنة من الناس في غرفة تقرر بدء شيء ما. المؤسسات مكونة من أشخاص لا يختلفون عنك.

أنا لا أقول أن الجميع يمكنهم بدء شركة ناشئة. أنا متأكد من أن معظم الناس لن يتمكنوا من ذلك؛ لا أعرف الكثير عن عامة السكان. لكن عندما يتعلق الأمر بمجموعات أعرفها جيدًا، مثل الهاكرز، يمكنني أن أتكلم بدقة أكبر. في المدارس العليا، أعتقد أن ما يقارب ربع المتخصصين في علوم الحاسوب CS يمكن أن يكونوا مؤسسي شركات الناشئة إذا أرادوا ذلك.

إن شرط "إذا أرادوا" يعد مؤهلاً مهماً - مهم جدًا لدرجة أنه يكاد يكون من الغش إلحاقه بالجملة السابقة بذاك الشكل - لأنه بمجرد حصولك على حد معين من الذكاء، والذي تجاوزه معظم طلبة المدارس العليا، فإن العامل الحاسم في ما إذا كنت ستنجح كمؤسس هو إلى أي حد تريد ذلك. ليس عليك أن تكون ذكيًا كثيرًا. إذا لم تكن عبقريًا، فما عليك سوى بدء شركة ناشئة في بعض الحقول غير المثيرة حيث سيكون لديك منافسة أقل، مثل البرامج الخاصة بإدارة الموارد البشرية. لقد اخترت هذا المثال بشكل عشوائي، ولكني أشعر بأمان عند التنبؤ بأنه مهما كان لديهم الآن، فلن يتطلب الأمر عبقريًا للقيام بعمل أفضل. هناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون على أشياء مملة ويحتاجون بشدة إلى برنامج أفضل، لذلك مهما كان اعتقادك حول مستواك مقارنة مع لاري وسيرجي [مؤسسي جوجل]، فيمكنك تقليل حدة الفكرة بدرجة كافية للتعويض عن الفرق.

بالإضافة إلى منعك من الخوف، قد يساعدك الجهل أحيانًا في اكتشاف أفكار جديدة. عبر ستيف وزنياك عن هذا بقوة بما يلي:
جاءت أفضل الأشياء التي قمت بها في آبل من (أ) عدم امتلاك المال و (ب) عدم القيام بذلك من قبل، على الإطلاق. كل شيء خرجنا به كان رائعًا حقًا، لم أفعل هذا الشيء في حياتي أبدًا.
عندما لا تعرف شيئًا، يجب عليك إعادة اختراع الأشياء بنفسك، وإذا كنت ذكيًا، فقد تكون اختراعاتك أفضل مما سبقها. هذا صحيح بشكل خاص في المجالات التي تتغير فيها القواعد. تم تطوير جميع أفكارنا حول البرامج في وقت كانت فيه المعالجات بطيئة، وكانت الذاكرات والأقراص صغيرة.
من يدري ما هي الافتراضات البالية المتضمنة في الحكمة التقليدية؟ والطريقة التي سيتم بها إصلاح هذه الافتراضات لا تتمثل في إلغائها بشكل صريح، ولكن عن طريق شيء أقرب إلى جمع القمامة. شخص ما جاهل ولكنه ذكي سوف يأتي عليها ويعيد اختراع كل شيء، وفي هذه العملية يفشل ببساطة في إعادة إنتاج بعض الأفكار الموجودة.

السلبيات

ذكرنا الكثير من مزايا المؤسسين الشباب. ماذا عن العيوب؟ سأبدأ بالخطأ الذي يحدث معهم وأحاول تتبع أسبابه الجذرية.

الخطأ الذي يحدث مع المؤسسين الشباب هو أنهم يبنون أشياء تبدو وكأنها مشاريع فصلية في الجامعة. لقد اكتشفنا هذا بأنفسنا في الآونة الأخيرة فقط. لاحظنا الكثير من أوجه التشابه بين الشركات الناشئة التي بدت أنها متأخرة، لكن لم نتمكن من معرفة كيفية التعبير عنها بكلمات. ثم أدركنا ذلك أخيرًا: كانوا يقومون ببناء مشاريع فصلية.

ولكن ماذا يعني ذلك حقا؟ ما هو الخطأ في المشاريع الفصلية؟ ما الفرق بين مشروع فصلي وشركة ناشئة حقيقية؟ إذا استطعنا الإجابة عن هذا السؤال، فلن يفيد هذا  مؤسسي الشركات الناشئة فقط بل سينفع الطلاب بشكل عام، لأننا سنكون قطعنا شوطًا طويلاً نحو شرح ما يسمى بالعالم الواقعي.

يبدو أن هناك شيئين كبيرين مفقودين في المشروعات الفصلية: (1) تعريف تكراري لمشكلة حقيقية و (2) الشدة.

الشيء الأول ربما لا مفر منه. تقوم المشاريع الفصلية حتما بحل مشاكل وهمية. وهذا بسبب أن المشاكل الحقيقية نادرة وقيمة. إذا أراد الأستاذ أن يجعل الطلاب يحلون مشاكل حقيقية، فسيواجه نفس المفارقة كما لو حاول شخص إعطاء مثال على نظرية قد تنجح مع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. قد تكون هناك نظرية تحقق هذا، لكن إذا فكرت في مثال عليها، فستنال جائزة نوبل. وبالمثل، ليس من السهولة العثور على المشاكل الحقيقية الجيدة.

الشركات الناشئة الحقيقية  في قطاع التكنولوجيا تتفاقم صعوبتها في العثور على مشكلة حقيقية لأنها تميل إلى اكتشافها من خلال عملية التطور. تنشأ عند أشخاص فكرة عن شيء ما ؛ فيقومون ببنائها وعند القيام بذلك (وربما فقط من خلال القيام بذلك) يدركون أن المشكلة التي ينبغي حلها هي مشكلة أخرى. في مشروع فصل دراسي جامعي، حتى لو سمح لك الأستاذ بتغيير وصف مشروعك سريعًا، فلا يوجد ما يكفي من الوقت لإنجازه. نفس الشيء يُقال عن سوق تستجيب لضغوط تتطور بسرعة. لذا فإن المشروعات الفصلية تدور حول التنفيذ implementation، وهو ليس أهم مشكل بالنسبة للشركات الناشئة.

في شركة ناشئة لا يقتصر الأمر فقط على العمل على فكرة ما وتنفيذها. التنفيذ ذاته مختلف. والغرض الرئيسي منه هو تحسين الفكرة. غالبًا ما تكون القيمة الوحيدة لمعظم الأشياء التي تبنيها في الستة أشهر الأولى هي إثبات أنّ فكرتك الأولية كانت خاطئة. وهذا شيء قيّم للغاية. إذا كنت متحررا من فكرة خاطئة لا يزال الآخرون يعتقدونها، فأنت في وضع قوي. لكنك لا تفكر بهذه الطريقة في مشروع فصلي. إثبات أن فكرتك الأولية كانت خاطئة ستجعلك تحصل على درجة سيئة في مشروع فصلي. بدلاً من بناء الأشياء لرميها، تميل إلى الرغبة في توجيه كل سطر من البرنامج نحو هذا الهدف النهائي وهو إظهار أنك قمت بالكثير من العمل.

وهذا يؤدي إلى الاختلاف الثاني: طريقة قياس المشاريع الفصلية. يميل الأساتذة إلى الحكم عليك من خلال المسافة بين نقطة البداية والمكان الذي أنت فيه الآن. إذا حقق شخص ما الكثير، يجب أن يحصل على درجة جيدة. لكن الزبائن سيحكمون عليك من الاتجاه الآخر: المسافة المتبقية بين مكانك الآن والميزات التي يحتاجون إليها. السوق لا يهتم إلى أي مدى عملت بجد. يريد المستخدمون فقط أن يُنفذ برنامجك ما يحتاجون إليه، وستحصل على صفر إذا لم يُحقق ذلك. هذا أحد أكثر الاختلافات التي تميز الجامعة عن العالم الحقيقي: لا توجد مكافأة على بذل جهد جيد. في الواقع، فإن مفهوم "الجهد الجيد" برمته هو فكرة مزيفة ابتكرها الكبار لتشجيع الصغار. هي فكرة غير موجودة في الطبيعة.

هذه الأكاذيب تبدو مفيدة للصغار. لكن لسوء الحظ، عندما تتخرج، لا يمنحوك قائمة بكل الأكاذيب التي أخبروك بها أثناء تعليمك. يجب عليك التخلص منها من خلال الاتصال بالعالم الحقيقي. وهذا هو السبب في أن الكثير من الوظائف تريد خبرة سابقة في العمل. لم أستطع أن أفهم ذلك عندما كنت في الكلية. كنت أعرف البرمجة. في الواقع، يمكنني أن أقول أنني أعرف البرمجة بشكل أفضل من معظم الناس الذين يقومون بذلك من أجل لقمة العيش. إذن ما هي هذه "التجربة العملية" الغامضة ولماذا احتجت إليها؟

الآن أعرف ما هي. جزء من الالتباس سببه لغوي. لفظ "تجربة عمل" يوحي أنها مثل تجربة تشغيل نوع معين من الآلات، أو استخدام لغة برمجة معينة. ولكن في الحقيقة هو لفظ لا يشير إلى خبرة محددة، بل إلى التخلص من بعض العادات التي خلفتها الطفولة.

واحدة من الصفات المميزة للأطفال هي أنهم يتراجعون. عندما تكون طفلاً وتواجه بعض الاختبارات الصعبة، يمكنك أن تبكي وتقول "لا أستطيع" ولن تُجبر على عمل شيء. بالطبع، لا يمكن لأحد أن يجعلك تفعل أي شيء في العالم البالغ أيضًا. ما يفعلونه بدلا من ذلك هو طردك من العمل. وهذا يعطيك دافعا أن تفعل أكثر مما تدرك. لذا فإن أحد الأشياء التي يتوقعها أصحاب العمل من شخص لديه "خبرة في العمل" هو عدم التراجع، أي القدرة على إنجاز الأشياء دون أي أعذار.

الشيء الآخر الذي تحصل عليه من تجربة العمل هو فهم ما هو العمل، وبشكل خاص، كم هو فظيع في جوهره. في الأساس، المعادلة وحشية: عليك أن تقضي معظم ساعات الاستيقاظ في فعل الأشياء التي يريدها شخص آخر، وإلا ستجوع. هناك عدد قليل من الأماكن التي يكون العمل فيها مثيرًا للاهتمام لدرجة أن هذه الوحشية تختفي، لأن ما يريده الآخرون أن يُنجز يتوافق مع ما ترغب أنت في العمل عليه. ولكن عليك فقط أن تتخيل ما يمكن أن يحدث إذا تباعدت الرغبات لرؤية الحقيقة.

إن الأمر لا يكمن في أن البالغين يكذبون على الأطفال حول هذا الموضوع ولا يشرحوا ذلك أبداً. هم لا يشرحوا أبدًا ما هو أمر المال. أنت تعلم منذ سن مبكرة أنه سيكون لديك وظيفة مُعينة، لأن الجميع يسألونك عما سوف تكون عليه "عندما تكبر". ما لا يخبرونك به هو أنك كطفل تجلس على أكتاف شخص آخر يطأ المياه كي يبقى رأسك ورأسه خارجها، وأن بدء العمل يعني أنك ستُلقَى في الماء بمفردك، وعليك أن تبقي رأسك خارجه بنفسك، وإلا ستغرق. أن "تصبح" شيئا هو أمر عارض؛ المشكلة العاجلة التي عليك حلها هي عدم الغرق.

العلاقة بين العمل والمال تبرز لك فقط تدريجياً. على الأقل بالنسبة لي. الفكرة الأولى تميل أن تكون ببساطة "هذا مضجر. أنا مدين. بالإضافة، يجب علي أن أستيقظ يوم الاثنين وأذهب إلى العمل." ستدرك تدريجياً أن هذين الأمرين مرتبطان بإحكام مثلما يمكن للسوق فقط أن تفعل ذلك.

لذا فإن أهم ميزة لدى المؤسسين في عمر 24 عامًا مقارنة مع عمر 20 هي أنهم يعرفون ما يحاولون تجنبه. بالنسبة للطالب الجامعي المتوسط  تتحول فكرة الثراء إلى شراء سيارة فيراري أو أن يُصبح المرء محل إعجاب الآخرين. بالنسبة للشخص الذي تعلم من التجربة حول العلاقة بين المال والعمل، فإن الثراء يعني شيء أكثر أهمية: إنه يعني الانسحاب من المعادلة الوحشية التي تحكم حياة 99.9 ٪ من الناس. الثراء يعني أنه يمكنك التوقف عن وطئ المياه.

الشخص الذي يفهم هذا سيعمل بجد أكبر لإنجاح شركته الناشئة – في الواقع  بشدة تماثل جهد رجل يقاوم الغرق. لكن فهم العلاقة بين المال والعمل يغير أيضًا الطريقة التي تعمل بها. لا تحصل على المال فقط من العمل، بل بتوفير أشياء يريدها الآخرون. الشخص الذي يعي هذه النقطة سوف يركز أكثر بشكل تلقائي على المستخدم. وهذا يعالج النصف الآخر من متلازمة المشروع الفصلي. بعد العمل لفترة من الوقت، ستميل إلى قياس ما قمت به بنفس الطريقة التي يعمل بها السوق.

بالطبع، ليس عليك قضاء سنوات في العمل لتعلم هذه الأشياء. إذا كنت مدركًا بشكل كافٍ، فيمكنك فهم هذه الأشياء بينما لا تزال في الجامعة. هكذا فعل سام التمان حتما لأن Loopt ليس مشروعًا صفيًا. وهو مثال يشير إلى أن فهم هذه الأشياء هو معرفة قيمة. على الأقل، سيكون لديك بالفعل معظم ما تكسبه من "خبرة العمل" التي يعتبرها أصحاب العمل أمرًا مرغوبًا فيه. لكن بالطبع إذا حصلت عليها بالفعل، يمكنك استخدام هذه المعلومات بطريقة مفيدة أكثر لك.

الآن

لنفترض أنك تفكر في بدء شركة ناشئة في مرحلة ما، إما عند التخرج أو بعده بسنوات قليلة. ماذا عليك أن تفعل الآن؟ هناك طرق للتحضير لذلك أثناء الدراسة في الكلية سواء اخترت الوظيفة أو الدراسات العليا بعد التخرج. إذا كنت ترغب في الحصول على وظيفة بعد التخرج، فيجب أن تحصل على وظائف صيفية في أماكن ترغب في العمل فيها. إذا كنت ترغب في الذهاب إلى  الدراسات العليا، فستساعد على العمل في مشاريع بحثية كطالب جامعي. ما هو الشيء المُعادل للشركات الناشئة؟ كيف يمكنك الحفاظ على خياراتك مفتوحة إلى أقصى حد؟

أحد الأشياء التي يمكنك القيام بها أثناء تواجدك في الكلية هو معرفة كيفية عمل الشركات الناشئة. لسوء الحظ، هذا ليس بالأمر السهل. قليل من الكليات لديها دروس حول الشركات الناشئة. قد تكون هناك فصول في كلية إدارة الأعمال حول ريادة الأعمال، كما يسمونها هناك، لكن من المحتمل أن تكون هذه مضيعة للوقت. تحب كليات إدارة الأعمال التحدث عن الشركات الناشئة، لكن من الناحية الفلسفية فهي تقع في الطرف الآخر من الطيف. معظم الكتب على الشركات الناشئة يبدو أنها غير مجدية. لقد ألقيت نظرة على عدد قليل ولم أحصل على شيء جيد.تتم كتابة الكتب في معظم المجالات من قبل أشخاص يعرفون الموضوع من التجربة، ولكن بالنسبة للشركات الناشئة هناك مشكلة فريدة: بحكم تعريفها، لا يحتاج مؤسسو الشركات الناشئة الناجحة إلى كتابة كتب لكسب المال. ونتيجة لذلك، فإن معظم الكتب المتعلقة بالموضوع ينتهي بها المطاف إلى أن يكتبها أشخاص لا يفهمونها.

لذلك سأكون متشككا في الدروس والكتب. التعرف على الشركات الناشئة يكون بمشاهدتها في العمل، ويُفضل أن يكون ذلك من خلال العمل في واحدة. كيف يمكنك أن تفعل ذلك باعتبارك طالب لم تتخرج بعد؟ ربما عن طريق التسلل من خلال الباب الخلفي. كل ما عليك فعله هو التسكع كثيرًا والبدء بفعل أشياء من أجلهم. معظم الشركات الناشئة  حذرة للغاية بشأن التوظيف (أو هكذا يجب أن تكون). كل توظيف يزيد من مُعدل الحرق، ومن الصعب التعافي من التعيينات السيئة في وقت مبكر. ومع ذلك، عادة ما تتمتع الشركات الناشئة بجو غير رسمي إلى حد ما، وهناك دائمًا الكثير مما يجب القيام به. إذا بدأت للتو في فعل الأشياء لهم، فسيكون الكثيرون مشغولين جدًا بحيث لا يطردونك بعيدًا. يمكنك بالتالي العمل لكسب ثقتهم تدريجياً، وربما تحويلها إلى وظيفة رسمية في وقت لاحق، أو ربما لا، حسب رغبتك. لن ينجح هذا مع جميع الشركات الناشئة، ولكنه سيعمل مع معظم الأشخاص الذين أعرفهم.

رقم اثنين، الاستفادة القصوى من ميزة كبيرة في الكلية: وفرة المؤسسين المشاركين. انظر إلى الأشخاص من حولك واسأل نفسك عن الشخص الذي ترغب في العمل معه. عند تطبيق هذا الاختبار، قد تجد أنك تحصل على نتائج مفاجئة. قد تجد أنك تفضل الشخص الهادئ الذي تتجاهله في الغالب لشخص يبدو مثيرًا للإعجاب ولكن تحتاج جهدًا لتتأقلم معه. أنا لا أقترح عليك أن تكون فجا مع الأشخاص الذين لا تحبهم حقًا لأنك تعتقد أنهم سينجحون ذات يوم. على العكس تمامًا، في الواقع: يجب عليك بدء شركة ناشئة فقط مع شخص تحبه، لأنها ستضع صداقتك على محك الاختبار. أنا فقط أقول أنه يجب عليك أن تفكر في من يعجبونك حقًا وتتسكع معهم، بدلاً من أي شخص ترميه الأقدار تجاهك.

هناك شيء آخر يمكنك القيام به وهو تعلم المهارات التي ستكون مفيدة لك عند شركة ناشئة. قد تكون هذه مختلفة عن المهارات التي ستتعلمها للحصول على وظيفة. على سبيل المثال، التفكير في الحصول على وظيفة سيجعلك ترغب في تعلم لغات البرمجة التي تعتقد أن أصحاب العمل يريدونها، مثل Java و C ++. بينما إذا بدأت شركة ناشئة، فسوف يكون عليك اختيار اللغة، لذلك عليك أن تفكر في أي منها سوف يتيح لك فعلاً إنجاز المزيد. إذا استخدمت هذا الاختبار، فقد ينتهي بك الأمر إلى تعلم روبي أو بيثون بدلاً من ذلك.

لكن أهم مهارة لمؤسس شركة ناشئة ليست تقنية برمجة ما. إنها موهبة فهم المستخدمين ومعرفة كيفية منحهم ما يريدون. أعلم أنني أكرر هذا، ولكن هذا مهم جدًا. إنها "مهارة" يمكنك تعلمها، على أن لفظ "عادة" قد يكون وصفا أفضل. طور عادة التفكير في البرنامج على أنه يعني الحصول على مستخدمين. ماذا يريد هؤلاء المستخدمون؟ ما الذي يجعلهم ينبهرون؟

هذا مهم بشكل خاص للطلاب الجامعيين، لأن مفهوم المستخدمين مفقود في معظم دروس البرمجة. ستكون الطريقة التي تتعلم بها البرمجة في الكلية مثل تدريس الكتابة كقواعد نحو، دون الإشارة إلى أن الغرض منها وهو توصيل شيء ما إلى الجمهور. لحسن الحظ، أصبح جمهور البرامج الآن يبعد بمقدار مجرد طلب HTTP. لذلك بالإضافة إلى البرمجة التي تقوم بها للفصول الدراسية، لماذا لا تبني مواقع ويب يجدها الأشخاص مفيدة؟ على الأقل سوف يعلمك هذا كيفية كتابة البرامج مع المستخدمين. في أفضل الأحوال، قد لا يكون تحضيرا لشركة ناشئة فقط، بل الشركة الناشئة نفسها، مثله مثل ياهو و جوجل.

ملاحظات

[1] حتى الرغبة في حماية الناس لأطفالهم تبدو أضعف، إذا اعتبرنا الأشياء التي قام بها الناس تاريخياً لأطفالهم بدلاً من المجازفة برفض مجتمعهم. (أفترض أننا ما زلنا نفعل أشياء ستُعتبر في المستقبل بربرية، لكن رؤية الإساءات التاريخية أسهل بالنسبة لنا.)

[2] القلق من أن Y Combinator يجعل المؤسسين يتنقلون لمدة 3 أشهر يشير أيضًا إلى ضعف تقدير صعوبة بدء شركة ناشئة لدى الناس. سيكون عليك تحمل مضايقات أكبر من ذلك بكثير.

[3] تشير معظم اتفاقيات الموظفين إلى أن أي فكرة تتعلق بعمل الشركة الراهن أو المحتمل في المستقبل تخصهم. في كثير من الأحيان، قد لا يشمل البند الثاني أي شركة ناشئة محتملة، لكن أي شخص يبذل العناية الواجبة [أثناء التقصي عنك] لفائدة المستثمر أو المستحوذ سوف يفترض الأسوأ.

لتكون آمنًا من هذه الاتفاقيات عليك أن (أ) لا تستخدم الشفرة المكتوبة أثناء وظيفتك السابقة، أو (ب) اجعل صاحب العمل يتخلى كتابةً عن أي مطالبة بالرمز الذي تكتبه لمشروعك الجانبي. الكثيرون يوافقون على (ب) بدلاً من أن يفقدوا موظفًا مميزًا. الجانب السلبي هو أنه سيتعين عليك إخبارهم بالضبط بما يفعله مشروعك.

[4] أسس Geshke و Warnock شركة Adobe فقط لأن Xerox تجاهلتهما. لو استخدمت Xerox ما بنوه، فمن المحتمل أنهم لم يتركوا PARC أبدًا.

شكرًا لجيسيكا ليفينجستون وروبرت موريس لقراءة مسودات هذا المقال، وجيف أرنولد و SIPB لدعوتي للتحدث. 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تبدأ شركة ناشئة؟

كيف تحصل على أفكار لشركة ناشئة؟