شر البلية ما يضحك، فكر الخوارج في مجتمع البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

لم أتوقع يوما أن أجد فكر الخوارج في مجتمع متعلم ومهتم ببرمجيات الحاسوب خصوصا الحرة منها والمفتوحة، كما لا يتوقع عاقل أن يجد صحابي واحد في فرقة الخوارج الأولى - أقول هذا رغم البون الشاسع بين جيل الصحابة الكرام والجيل الرقمي الحالي. لكن كما يقال عش رجبا ترى عجبا.

طبعا ليس هناك تثريب على أي مجتمع يمكن أن تُطرح فيه مشكلة الخوارج كما ليس هناك ملام لأحد على جيلٍ أميره الإمام علي كرم الله وجهه وحَبره ابن عباس رضي الله عنهما. لكن من أين لنا اليوم بالإمام الهمام وبالترجمان العرفان كي يدحضا مثل هاته الأفكار الفاسدة المفسدة التي تقتل "البرامج المفيدة" وتدع "الفيروسات والديدان".

قرائي الكرام، لقد اخترت أن أنقل لكم النص التالي الذي وجدته على الشبكة إذ هالني ما فيه من تجهيل  وتكفير بغير حق ولا يهمنا هنا من الكاتب أو أين نُشر بقدر ما تهمنا الفكرة ذاتها. هذا ولم أختر الرد على ذاك النص أين نُشر لأنه مخالف لقانون ذاك الموقع الذي أحترمه وأنا استسمحهم في الاحتفاظ بنسخة منه هنا لأن ظني بهم أنهم سيحذفونه بمجرد الانتباه له.

قبل أن أدعكم مع النص، أريد أيضا أن أضيف أن صاحب هذا الفكر يُوقع مداخلاته بهاته العبارة " لا أحل لنفسي استخدام اي برنامج او نظام تشغيل مع و جود بديل تحت رخصة ...". ليس هدفي هنا التشهير بالشخص لكن بيان تناقض هذا الفكر فهو من جهة يجعل رخص البرمجيات الحرة من باب الكفر بالله بدعوى أنها دين وشرع جديد وليست مجرد عقد ومن جهة يسمح لنفسه بتشريع الحلال والحرام حيث يحلل رخصة لمجرد أم مؤلفيها مسلمون (أفاضل - كما نحسبهم والله حسيبهم -) ويحرم الأخرىِ!


هذا النص مع بيان آفاته بالأحمر (اللون المفضل للخوارج) ونقيضها بالأخضر، تتخلله بعض التعليقات السريعة بالأزرق (لون الكفر عند الخوارج :-) ) :

 اننا رغم شدة نكيرنا علي ما يعج به التعليم المدني و الديني الحكومي من مناهج تجتهد في سلخ الهوية الاسلامية عن اطفال المسلمين بأدوات عدة كمدح اعداء الاسلام من الفلاسفة و دعاة التحرر وغيرهم و تمجيد حضارات الكفر كالبابلية و الفرعونية و تحسين مذاهب الكفار من دساتير و قوانين و ضعية و تعظيم رايات الجاهلية كل صباح و غير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره الا ان حديثي هنا حول امر آخر يخص الدارسين و غيرهم فأقول مستعينا بالله :

[لا نريد هنا إعادة "التهافت" ولا "تهافت التهافت" لكن نقول من يرى أن كل الفلسفة ضارة فليصدق مع نفسه وليترك المنطق لأنه جزء من الفلسفة وليترك كل ما بني عليه المنطق وهذا يشمل في عصرنا كل جهاز إلكتروني خصوصا الحواسيب وتطبيقاتها فإنها مبنية على المنطق وليخترع شيئ آخر "إسلامي" على حد فهمه هو لما هو إسلامي]

    ان اول ما يجب التعريف به عند الدعوة لعالم المصادر الحرة انتاجا أو انتفاعا و الذي هو في حقيقته توجها فكريا له اركانه و افكاره هو الرخصة او الميثاق العالمي للشيوعية الابداعية؛ رخصة جنو او اباتشي او بي اس دي و غيرها .
[خلط فضيع بين الشيوعية كمذهب أو دين كما يراه بعض الناس وبين رخص المشاع العمومي creative commons مما يدل على قلة فهم دلالات الألفاظ وعدم تحكم في أبسط علوم اللغة أو علوم الآلة على حد تعبير أهل الفن. شخصيا لا أستعمل ترجمة مشاع لأن المشاع أقرب إلى الملك العام منها إلى رخصة حرة لها قيودها. على كل حال لا مشاحاة في المصطلح كما يقال ما دام المعنى مفهوم. لكن من يخلط  شيوعية ماركس ولينين وماتسوي تونغ مع رخص CC فيلزمه حسب مذهبه الغريب أن لا يقرب الهواء والماء وغيرهما من المشاع الذي خلقه الله لنا]
    هذه الميثاق او الرخصة في حقيقته ليس مجرد شروط للتعاقد بين المنتج و المستخدم بقدر ما هو تشريع جديد لدين جديد كالعالمانية او الليبرالية و غيرها، انها دعوة فكرية و ليست مجرد عقد، انه دين الكفار و تشريعهم و الذي حرم الله عز و جل مجرد مشابهتهم في اللباس أو القول فإن اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم .
[المعروف أن أي دين فيه دعوة لعبادة كائن ما بحق أو بباطل فما دخل هذا بالرخص التي هي عقود بين المطورين والمستخدمين، تدخل في باب المعاملات والتي الأصل فيها الإباحة ما لم يرد نص بالمنع؟ من يرى أنها عقيدة أو عبادة من دين كفار يلزمه حسب فهمه ترك البرامج المرخصة بها وترك استعمال الحواسيب وكل التقنية من أساسه، وما دام نتكلم على الكفار بهذه الطريقة الغريبة في التفكير فلا بد من ترك كل مخترعاتهم كالأدوية ووسائل النقل والاتصال وغيرها وبالمرة نرجع ننفي كروية الأرض .... لحظة لقد قالوا كل هذا ...نعم... لقد نفوا كروية الأرض وحرموا الدراجة الهوائية بدعوى أنها سحر لأن عجلتها تستمر في الدوران لوحدها  وحرموا الهاتف وحرموا التلفاز ثم القنوات الفضائية ووو هلم جرا ... كلما برز اختراع جديد سارعوا إلى التحريم والتكفير والتفسيق والتبديع ثم لا يفتؤوا يرجعون في كلامهم وبقية القصة معروفة  ... حكم ولي الأمر  ]

    انك تري الان الكاتب المسلم يجد في البحث و التنقيب في موضوع ما ثم يصنف لنا كتابا نافعا ثم يذيله بقوله (هذا الكتاب خاضع لرخصة المشاع الابداعي) و يا ليته قال نسألكم دعوة بظهر الغيب من مسلم او قدمه باهداء يعتبر به كافر؛ و انما يبذل مهجته في بريمج او كتاب ثم يهبه علي طريقة الكفار و دين الليبراليين ، انها السنن الله اكبر قلتم كما قالت بنو اسرائيل لتتبعن سنن من كان قبلكم حتي لو انهم دخلوا جحر ضب لدخلتموه او كما قال نبينا صلي الله عليه و سلم، انه اعوجاج في الدين و تلوث قد اصاب الهوية المسلمة و إنا لله و إنا اليه راجعون .
[طريقة عجيبة غريبة في فهم الآيات والأحاديث وإنزالها على غير أهلها ... وتحكّم ودخول في النيات وهي من الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله ...
ما دام الكتاب نافعا فعلى ما كل هذا؟  ثم لماذا يُحتّم على الكاتب أن يضع فيه سؤال لدعوة بظهر الغيب، أليس الله يقول "اسألوني" مباشرة؟ أليس السؤال لغير الله مذلة أم أن هذه مقرر نظري فقط عند أصحاب هذا الفكر ووقت العمل لا نرى لهم أثرا؟
 ثم هل الكافر يعتبر بإهداء أكثر مما يعتبر بعمل متقن ذو جودة  فيبحث عن دين صاحبه وأخلاقه قبل الكلمات الرنانة ... صدق من قال أن أصحاب كل دين يسعون لزيادة عددهم والخوارج عندنا يجتهدون في إنقاص عدد المسلمين إما بالقتل أو التكفير أو تنفير غير المسلمين  ]
    ان قضية رخصة المصادر الحرة ليست هينة كما يظن الجاهلون( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) و (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) و ان الرجل ليتفوه بالكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به في النار سبعين خريفا
 [هلا  تأمل صحاب هذا الكلام إن كان يعنيه أم لا؟ 
ما استدل أحد بآية من كتاب الله على باطل إلا كان فيها، إن لم تكن كلها، ردا عليه  ]
    ثم ان الله عز و جل حرم علينا مجرد مشابهة الكفار فقال صلي الله عليه و سلم صلو في نعالكم و لو مرة خالفوا اليهود و النصاري ، و قال لكي لا يشابه اليهود في صيام عاشوراء ، لأن بقيت الي قابل لأصومن اليوم التاسع، حتي انه صلي الله عليه و سلم نهي عن حمل القوس الفارسية و استبدال القوس العربية بها و ذلك لحفظ الهوية و تمكين عقيدة الولاء و البراء في نفوسهم .
  و اود هنا ان احكي لكم مثالا في عالم المصادر الحرة و صناعة الهوية، و لعلكم اعلم بالحكاية مني فالقضية ليست مجرد تغيير اعدادات اللغة او التعريب، و المثال هو ان حكومة دولة كوريا الشمالية الشيوعية الكافرة قامت بإنتاج توزيعة كورية شمالية مبنية علي redhat و اسمتها red star ثم تبعتها علي نفس الخطوات الصين في توزيعة red flag ثم كوبا ثم فنزويلا حفاظا علي الهوية القومية، افلا نكون نحن المسلمون اولي بهذه العزة من هؤلاء الملاحدة،

 [ما شاء الله ... مشابهة الكفار حرام والشيوعية كفر... لكن الدول الشيوعية قدوة حسنة لمن يرجو الله واليوم الآخر... 
 العجب يزول عندما يتأمل العاقل النقاط المشتركة بين الفكر الشيوعي البائد وفكر الخوارج، خصوصا نهمهم الكبير بالسلطة المطلقة الدكتاتورية وكرهم الشديد للحرية حتى الرقمية منها ...
ثم نحن لسنا أصحاب مناصب أو سلطة فمن رأى شيئا فدونه أولياء الأمر ]

    ان مما يحزن المسلم ان يري قضية اسلمة البرمجيات تختزل في مجرد وضع لفظ الجلالة داخل شعار اوبنتو شعار الكافر الجنوب افريقي و تحت رخصة جنو التي شرعها الكفار ثم يقال توزيعة اسلامية، انها اهانه لإسم ربنا و علامة علي الانهزامية النفسية التي وصل اليها المسلمون امام الكفار حتي نصنع شعارا خليطا بين الكفر و الاسلام
     بل البراءة البراءة
    اتدرون ما معني شعار انه رمز انه الراية اننا نحمل راية اعدائنا، ليست مجرد شعار شركة يعبر عن نشأتها أو صفة منتجاتها ،اوبونتو الانسانية، انها فكر و دعوة و دين لا فرق فيه بين مؤمن و كافر او موحد و مثلث او مسلم و مجرم (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ() مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )

 [المعروف أن الله لم يكلف سوى الثقلين بشرع ومنهاج... والبرمجيات كغيرها من العلوم لا هي إنس ولا جن حتى نقول عنها أنها مسلمة أو كافرة ... وإلا بهذا المنطق سننبذ كل العلوم ونعود إلى القرون الوسطى...
ولو قال أحدهم التوزيعات والرخص هي علوم رياضية وعقود تجارة لا يصح نسبتها إلى دين أو قومية إلا من باب المجاز لوافقناه أو على الأقل قبلنا هذه النسب من باب التشجيع على تعاون أفراد من نفس القومية أو الدين على مشروع خيري ... أما أن تصبح من الولاء والبراء وتعقد عليها الألوية فهذا شطط وغلو في الدين ... منشأه سوء الفهم  ]
    ثم ان الله قد جعل للمتقين مخرجا ألا و هي رخصة وقف افلا نفرح بذلك و نشكر نعمة ربنا علينا حتي يزيدنا الله من فضله، و اقتضاء الشكر العمل؛ العمل بها و اعتمادها و الدعوة اليها و نبذ غيرها و الدعوة الي ذلك؛ فقد قال ربنا تعالي ذكره ( اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )، فالحمد ان تحمد الله و تثني عليه اما الشكر فهو استعمال النعمة في طاعة الله و مرضاته .

[المعروف أيضاً أن الله أكمل دينه منذ 14 قرنا ولم يرد في كتابه ولا سنة رسوله الكريم شئ عن رخص البرمجيات فضلا عن أي يُسمي "وقف" بعينها (مع احترامنا لمؤلفيها) أو يفرض علينا غيرها، اللهم إلا قواعد عامة يسترشد بها العاقل في معرفة النافع من الضار...
فلا نقول إلا كما قال الإمام أحمد رحمه الله : هاتوا شيئا من كتاب الله أو سنة نبيه عليه وعلى آله الصلاة والسلام نعتمد به رخصة وقف وندعو الناس لها وننبذ غيرها. 
هل يُراد لنا أن نجعل رخصة وقف أو غيرها قرآنا يُتلى أو سنة تتبع ... أو أفحش من هذا  يراد لنا أن ندعو لها وحدها وننبذ غيرها كأنها إله؟ ما هذه الهرطقة...  ]

    اذن فلتكن وقف.. فلتكن صناعة الهوية و لتكن اسلامية وقفية عربية؛ فما احوجنا الي صناعة الهوية و الحفاظ علي نقائها و رفعتها صغارا و كبارا، منتفعين و منتجين

    و الحمد لله رب العالمين

    و صل اللهم و سلم علي نبينا و آله و صحبه
-----

انتهى النص المنقول

هذا ما تيسر من التعليق على ما سبق مع قناعتي أنه لن يجدي نفعا في الغالب والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ملاحظة: قد يقول قائل أني كتبت هذا الموضوع لأن صاحب النص ربما قصدني بكلامه أو قصد غيري ممن له نشر في مجال البرمجيات الحرة تحت رخصة المشاع العمومي، فأجيب سواء كان هذا أم ذاك فهو لا يمنع من كشف الأخطاء الفادحة في أفكار هذا النص دون شخصنة أو تنازع.

اللهم صل على محمد وآل محمد. (طبعا الخوارج سيقولون هذه صيغة الصلاة عند الشيعة  فيجب تركها وإن وردت في النص!)

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تبدأ شركة ناشئة؟

كيف تحصل على أفكار لشركة ناشئة؟

دليل الطالب للشركات الناشئة